شهدت الساحة القضائية في الإمارات دولة الرحمة والعدل والمساواة.مجموعة تعديلات على كثير من قوانينها خلال الفترة الماضية مثل رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير. كرست من خلالها مجدداً مبادئها الواضحة في إقرار جوانب حياتية تضمن للجميع العيش بأمن وأمان واستقرار في ظل أجواء مطمئنة يحكمها توازن تشريعي. وتساو في الحقوق والواجبات. دون تمييز لفئة دون أخرى. أو إعلاء لحقوق للذكر على الأنثى أو العكس. وفي ذلك اجتمعت آراء وتأكيدات رجال القضاء الواقف. على إيجابية التعديلات وتحضرها، وانعكاساتها الطيبة. ومراعاتها للكل. وجاءت أقوالهم بأنها تعزز التوجه الاقتصادي. والثقافي، والاجتماعي، الذي تبنته الدولة، وتهدف به إلى ترسيخ التزامها بتوفير بيئة تشريعية.
تتوافق مع تعددية الثقافات. إلى جانب بيئة اجتماعية. و اقتصادية تنافسية وآمنة، خاصة أنها رفعت التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير .
رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير
أولاً :- في مجال قانون العقوبات
رقم 3 لسنة 1987 تضمنت المراسيم الرئاسية بعض التغييرات الرئيسية : حيث نصت التعديلات :-
على أن من يستهلك أو يتعامل في الخمور في الأماكن المصرح بها بما في ذلك المساكن وفقاً للقوانين السائدة . لن يكون مسؤولاً، مع إعطاء كل إمارة محلية سلطة إصدار القواعد التنظيمية في هذا الشأن . وبذلك أزالت هذه التعديــــلات شرط الحصول على ترخيص مسبق لغير المسلمين لاقتناء الخمور. ورفعت العقوبة عن هذا الفعل. وستقتصر العقــوبة فقط على تناول الخمور، أو تقديمها ، أو بيعه ا، لشخص يقل عمره عن 21 عاماً .وعلى أولئـــك الـــذين اشتروا الخمــــور نيابة عن شخص أقل من 21 عاماً .
ونصت التعديلات على رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير، وهو توجه محمود. ومن شأنه أن يخفف من وطأة القانون بفرض عقوبات على أفعال ليس من شأنها إلحاق الضرر بأحد ، ومن أمثلة ذلك الانتحار، فوفقاً للتغييرات الجديدة. تُمنح المحكمة حرية التصرف في إرسال الشخص المدان بمحاولة الانتحار إلى مؤسسة علاجية بدلاً من معاقبته. ومع ذلك. فإن أي شخص يساعد شخصاً آخر بأي وسيلة على الانتحار سيعاقب بالسجن ، وينص تغيير آخر في القانون على أن الشخص لن يتحمل المسؤولية إذا ارتكب فعلًا ضاراً بشخص آخر بنية حسنة ، بهدف مساعدة ، أو إنقاذ ذلك الشخص الذي يحتاج إلى مساعدة عاجلة .
ثانياً :- في مجال قانـون المعاملات التجـــارية
رقم 18 لسنة 1993 تضمـــنت المراسيــــم الرئــــاسية بعــض التـــغييرات الرئيسية:-
أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ، مرسوماً بقانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون المعاملات التجارية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993، وبذلك ستلغى المــواد العقــابية المتعلقـة بالشيكات.
وكذلك في قانون العقوبات، منح القانون حق المستفيد بالشيك الحصول على المبلغ المتوفر في الحساب البنكي ، لكن لو لم يغط هذا الحساب . كامل المبلغ المدون له في الشيك ، لان في السابق كان البنــك يقــدم ما يفيد عدم كفاية الرصيد حتى لو كان المبلغ أقل من المبلغ الوارد في الشيك ب100 درهم فقط ، هكذا كان لا يتم صرف المبلغ للمستفيد .
ولكن الآن فمن الممكن للمستفيد أن يطالب البنك بسحب المبلغ المتوفر في حساب الدائن له ، حتى وإن كان أقل من قيمة الشيك الذي لديه ، على أن يطالب بباقي قيمة الشيك لاحقاً .
وفي الحقيقة فهذا الأمر يصب في مصلحة المستفيد من الشيك ، بالحصول على جزء من المبلغ المستحق له ، حال عدم توفره بالكامل في الحساب.
رفع التجريم لا يُعني أن الأفعال أصبحت مباحة بالكامل أو مشروعة من الناحية الأخلاقية أو الاجتماعية، وإنما يعني فقط أنها:
- لا تُعاقب جنائيًا.
- يُمكن أن تخضع للمساءلة في حال حدوث ضرر أو إخلال بالنظام العام.
- قد تُنظمها قوانين مدنية أو لائحية وفقًا للسياق (مثل قوانين الإيجارات، العمل، أو السلوك العام).
رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير
ما المقصود بـرفع التجريم”؟
رفع التجريم يعني إلغاء صفة الجريمة عن فعلٍ كان يُعاقب عليه سابقًا، سواء بإلغاء النص القانوني الذي يجرّمه أو بتعديله ليصبح غير مُجرَّم، طالما لم يُلحق ذلك الفعل ضررًا مباشرًا أو غير مباشر بالغير أو بالمصلحة العامة مثل رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير التي تندرج ضمن الحياة الشخصية إذا لم تخرق النظام العام أو تؤثر على الآخرين.
الأساس القانوني لرفع التجريم في الإمارات
جاء رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير في الإمارات في إطار تعديلات تشريعية حديثة شملت قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجزائية، وقوانين الأحوال الشخصية، والعمل، وغيرها. ومن أبرز المبادئ القانونية التي اعتمدتها الدولة:
- لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص: وهو مبدأ دستوري.
- تقييد التجريم فقط لما يُشكّل ضررًا فعليًا على الفرد أو المجتمع.
- ترسيخ مفهوم الخصوصية الفردية، لا سيما في القضايا الأخلاقية أو الشخصية التي لا يترتب عليها أذى للغير.
اقرأ ايضاً : قانون الأحوال الشخصية لسنة 2005
أمثلة أخري على أفعال تم رفع التجريم عنها
1. العلاقات الرضائية خارج إطار الزواج
في عام 2020، تم تعديل قانون العقوبات الاتحادي، حيث أُلغي تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين البالغين الراشدين ما لم تُقدَّم شكوى من أحد الأطراف المتضررة أو من ولي أمر الأنثى في حالات معينة. وهدف التعديل هو التركيز على مبدأ عدم تدخل الدولة في الحياة الخاصة طالما لم تُرتكب الجريمة بالإكراه أو مع قاصر، أو لم تُسبب ضررًا للغير.
2. الإقامة المشتركة لغير المتزوجين
تم أيضًا السماح قانونًا بإقامة رجل وامرأة معًا في مسكن واحد دون أن يكون بينهما رابط زواج أو قرابة، وهو ما كان يُعد مخالفة في السابق. التعديل يعكس تكيّف القانون مع التغيرات الاجتماعية والانفتاح على الثقافات المختلفة.
3. استهلاك الكحول
في السابق، كان استهلاك الكحول مُجرَّمًا إذا لم يكن مرخصًا، لكن التعديلات الأخيرة أزالت العقوبة الجنائية عن الشرب طالما تم ذلك ضمن الإطار القانوني ودون التسبب في ضرر للغير (كالقيادة تحت تأثير الكحول أو الاعتداء أثناء السكر).
4. محاولات الانتحار
كانت محاولة الانتحار تُعد جريمة في السابق، لكنها لم تعد كذلك وفقًا للتعديلات، حيث يتم التعامل معها من منظور إنساني وصحي، بإحالة الشخص إلى الجهات المختصة لتلقي الدعم النفسي والعلاج اللازم.

اقرأ ايضاً : حكم ألعاب القمار في القانون الإماراتي
مكتب العزم للاستشارات القانونية
يعتبر مكتب العزم للاستشارات القانونية من افضل مكاتب الاستشارات القانونية حيث انه يتعامل مع افضل المحاميين في ابوظبي لتقديم افضل الخدمات القانونية والاستشارات القانونية حيث انه متعاقد مع افضل محامي في ابوظبي، لذا لا داعي للبحث عن ارقام محاميين في ابوظبي حيث يقدم لكم مكتب العزم للاستشارات القانونية افضل خدمة بجودة عالية وسعر منافس.
متخصصون في تقديم الاستشارات القانونية عبر طريقتين اما عبر الموقع الاكتروني الخاص بنا حيث نقدم خدمة الاستشارة القانونية في ابوظبي وتحصيل الديون، كتابة العقود، كتابة المذكرات في جميع التخصصات، كالاحوال الشخصية ومن ضمنها الخلع والطلاق للضرر وفسخ عقد الزواج واسقاط الحضانة وكذلك القضايا المدنية من تعويض ومطالبة مالية وايضا في اختصاص القاضي المستعجل.
والجنايات والجنح وتشمل قضايا السب، والقذف، والاعتداء على سلامة جسم الاخرين كالضرب، السرقة، الجرائم الاكترونية وتقديم طلبات الاسترحام لذا في حالة رغبتكم في أي استفسار قانوني او استشارة قانونية والتواصل مع افضل محامي في ابوظبي يرجى تحديد موعد استشارة قانونية او الاتصال عبر الارقام الموضحة عبر موقعنا الاكتروني.
يلعب مكتب العزم للاستشارات القانونية دورًا مهمًا في دعم التوجه نحو رفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير في دولة الإمارات، من خلال تقديم استشارات قانونية متخصصة توضح للعملاء حقوقهم وحدود المسؤولية القانونية في ظل التعديلات الجديدة، وخاصة فيما يتعلق بالقوانين الجنائية والشخصية.
كما يعمل المكتب على تفسير النصوص التشريعية الحديثة، وتقديم خدمات الدفاع القانوني عن الأفراد المتهمين في قضايا لم تعد مجرّمة، مع المتابعة الدقيقة لأحدث التعديلات في القوانين الاتحادية والمحلية. ويُساهم فريق المحامين في المكتب أيضًا في رفع الوعي القانوني المجتمعي، من خلال المقالات التوعوية والندوات، التي تشرح أثر هذه التعديلات على الحياة اليومية للأفراد.
الدور الذي يقدمة مكتب العزم للاستشارات القانونية في القضايا المختلفة التي توجها دولة الإمارات مثل رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير
1. يقوم مكتب العزم بتقديم التوعية القانونية المستمرة حول القوانين التي تم تعديلها أو إلغاؤها فيما يخص رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير، مثل بعض السلوكيات الشخصية التي لم تعد تقع ضمن نطاق التجريم. ويتم ذلك من خلال:
- نشر مقالات وتوجيهات قانونية عبر منصات المكتب.
- تنظيم ورش عمل تعريفية حول التشريعات المستحدثة.
- تقديم استشارات قانونية مخصصة للعملاء المتأثرين بهذه التعديلات.
2. يوفر المكتب خدمات التمثيل القانوني أمام الجهات القضائية للأفراد الذين لا يزالون يواجهون دعاوى بناءً على أفعال تم رفع التجريم عنها. ويعمل الفريق القانوني على:
- تقديم طلبات وقف تنفيذ الأحكام أو إلغائها.
- رفع دعاوى رد الاعتبار.
- مراجعة الملفات القانونية القديمة لمساعدة العملاء في تحديث أوضاعهم القانونية.
3. مع التغيرات التشريعية المستمرة، يُسهم مكتب العزم في تفسير النصوص القانونية الجديدة ذات العلاقة برفع التجريم، وتقديم فهم واضح ومبسط لها، سواء للأفراد أو للمؤسسات التجارية، خصوصًا تلك التي تتعامل مع الجوانب القانونية الحساسة في عقود العمل، العلاقات المدنية، أو سلوك الأفراد ضمن بيئة العمل.
4. يساعد المكتب عملاءه على التصرف ضمن حدود القانون الجديد، من خلال تقديم استشارات وقائية تضمن عدم الوقوع في مخالفات قائمة أو زوال المسؤولية الجنائية عن أفعال أصبحت مباحة، مع التأكيد على أن الحريات التي لا تضر بالغير أصبحت محمية قانونًا ولكن ضمن ضوابط.
5. يسعى مكتب العزم أيضًا إلى المساهمة الفكرية في تطوير المنظومة القانونية من خلال تقديم رؤى قانونية لصناع القرار، ودعم النقاشات القانونية التي تهدف لتعزيز سيادة القانون، ومواءمته مع المبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحريات والحقوق الفردية.
خاتمة
إن مسار رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير في دولة الإمارات لا يُعد مجرد تعديل قانوني تقني، بل هو تحول جذري في الفلسفة الجنائية والتشريعية للدولة. إنه يعكس رؤية قانونية حديثة تضع الإنسان في قلب العملية التشريعية، وتعيد النظر في وظيفة القانون الجنائي، بحيث لا يُستخدم إلا عند الضرورة القصوى، وعند وجود ضرر حقيقي وجليّ على الأفراد أو المجتمع.
ففي ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تشهدها الدولة، بات من غير العملي – بل وغير العادل – أن تُخضع جميع التصرفات الشخصية لمنطق العقوبة. التجريم، في جوهره، هو تدخل قاسٍ من قبل الدولة في حياة الفرد، ويجب أن يُستخدم بحذر شديد. ومن هنا جاءت الحاجة إلى إعادة تقييم قائمة الجرائم من منظور معاصر، يحترم التنوع الثقافي، ويضمن الحريات الأساسية، ويُعزز العدالة الناجزة.
كما أن هذا التوجه ينسجم مع المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، ويتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي تُعلي من شأن الكرامة الإنسانية، وتدعو إلى احترام الحياة الخاصة، وحصر التجريم في الأفعال التي تُمثّل خطرًا حقيقيًا على النظام العام أو على حقوق الآخرين.
لكن من جهة أخرى، فإن نجاح رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير يتطلب رفع الوعي القانوني لدى المجتمع، وتوضيح الفرق بين ما هو “غير مجرَّم” وما هو “مقبول أخلاقيًا أو اجتماعيًا”، فغياب التجريم لا يعني بالضرورة غياب التقييم الأخلاقي أو الاجتماعي للفعل. ولذلك، فإن التنشئة القانونية، والتعليم المدني، والحوار الثقافي، جميعها أدوات أساسية لتوطين هذا الفكر القانوني الحديث وتحقيق أهدافه على أرض الواقع.
وفي النهاية، يُمكن القول إن رفع التجريم عن أفعال لا تضر بالغير في الإمارات هو خطوة جريئة، مدروسة، وعادلة، تعكس نضج التشريع الإماراتي وانفتاحه على العالم. وهو أيضًا دعوة مفتوحة لتجديد الفكر القانوني العربي، ومراجعة القوانين الموروثة من زوايا أكثر إنسانية، لتكون القوانين مرآة لمجتمع متوازن، يُقدّر الحرية كما يحرص على النظام، ويصون الحقوق كما يحترم الواجبات.